أصبحت غريبة الأطوار.. دائمة الشرود حتى عندما تتحدث، هل تعرف أن تتظاهر بأنك تتحدث وتشارك الآخرين.. تسمعهم.. تتعاطف مع ما يقتسمون معك من حكايا.
هي في الغالب امتداد للحكايا القديمة والتجارب المعادة للحزن غير المبرر..
والسعادة الزائفة.. المشاهد التي تحدث كل عام، ثم تعود بتكرار التواريخ..
المناسبات الاجتماعية.. أعياد الميلاد.. زيارة القبور.. البكاء كأول مرة.
ربما يشرد ذهنك في نفس اللحظة متعة الصمت الأبدي -هل قد ينعم بها الأحياء في يوم من الأيام.؟
هل تكفيها أيام قليلة من العزلة، لتشعر بالغربة عن كل من حولها، لتشعر أن جسرا من الذكريات
والخفق المسالم الطفولي للقلب قد توقف لتسمع دقات مغايرة عن تلك التي اعتادت؟
هل هي دلالات أن شيئا لم يعد كما كان، وأنها غادرت عالم الطفولة بلا رجعة؟
هل معنى أن نرى مساحات القبح والشر والجنون بمقياس حقيقي عملاق يفزعنا هو أن الحياة مارست معنا ختانا بدائيا.. وقبل أن نشفى ضاجعتنا..
بنزيف دم محموم لا يتوقف، وبعدم تأكيد فعلي لأن ذلك لن يتكرر..
نمضي؟!
تسجل طيلة الوقت الأفكار التي تفاجئها لتحررها على الورق عندما تعود..
ترتب الحجرة، وتشرب فنجان القهوة بسرعة.. ترتدي روب الحمام تتذكر أنها تحتاج لشراء واحد جديد لونه أبيض من باب التغيير.. لا تملأ البانيو بالماء كما تحب -لم تعد أبدية حب الأشياء ذات يقين- لكنها تقف تحت الدش العنيف البارد الثائر تصغي لوشوشات الماء تخرج لحظة تشعر بدوار.. ثم تعود تترك نفسها للماء يقتحمها.. تستسلم.. ترتمي على الفراش تاركة قطرات الماء ترحل وحدها دون فعل لتجفيفها من زهريتها الصغيرة.. تلملم الزهرات البائسات وتجففهن بين راحتي كتاب قبل أن تجمع ما تبقى منهن وتلقي به.. في الصباح ستشتري وردا جديدا.. أغلقت نور الحجرة.
على ضوء الأباجورة البنفسجية.. فردت كفها ولعبت على الحائط -لعبة الأرنب خيال الظل-.. أغلقت هاتفها المحمول.. نامت 4 ساعات.. قبل الفجر بساعة استيقظت.. جلست على مكتبها تسجل أحلامها المستحيلة، وترشف قدح النيسكافيه البلاك المر؛ لأن علبة اللبن خلصت وليس ثمة بائعو لبن قرب الفجر بقليل.
__________________